مقالات الدكتور جاسم سلطان

موت الضمير وفواجع الإنسانية: غزة نموذجًا

موت الضمير

حين يموت الضمير عند ملايين البشر، وتتحكم في مصائر الناس قوى غير أخلاقية، تقع أسوأ المجازر تحت سمع العالم وبصره. لا يتحرك أحد. يموت الناس جوعًا وقهرًا، ثم لا يلتفت أحد إلى البعد الإنساني الذي يشمل كل الأعمار والفئات، ويمس كل إنسان على وجه البسيطة.

مجازر عالمية

لقد شهد العالم عبر تاريخه الحديث مجازر وفواجع مريرة: أوروبا النازية، مجاعة أوكرانيا في الثلاثينات، الإبادة الجماعية في كمبوديا، مذبحة سبرينيتشا، رواندا، التبيتين، الفالون غونغ، اليزيديين، دارفور، ثم أخيرًا فاجعة غزة.
كل هذه الكوارث تشترك في عامل واحد: غياب الكرامة الوجودية المتساوية للبشر. حين لا يُرى الإنسان كإنسان، تصبح المجازر ممكنة، وتُرتكب الفظائع بلا وازع.

غزة: الشاهد الحي

غزة اليوم هي الشاهد الحي على موت الضمير لدى متخذي القرار في العالم، إلا من رحم ربي. هذه البلادة التي تصيبنا، ونحن نتعود على مشاهدة القتل البطيء للكرامة الوجودية للإنسان، تُعدّ شكلًا من أشكال الإعدام لكل إنسان على وجه الأرض.
ما يجري ليس مجرد مأساة جغرافية، بل هو انهيار أخلاقي عالمي.

لحظة الوعي المباشر

كل الفواجع الكبرى في تاريخ الإنسانية لم تُصاحب بلحظة إعلام مباشر وحي كما يحدث اليوم. فنحن نعيش الأحداث شهودًا مباشرين، نراها لحظةً بلحظة، صورةً بصورة، دون أن نستطيع الادعاء بأننا لم نعلم.

ما يجب فعله

صحيح أن اللحظة تتطلب استجابة عاجلة لوقف المجزرة: طعام، ماء، دواء، ومسكن، لكن الأهم من ذلك هو تشكيل تحالف عالمي أخلاقي، حلف فضول جديد، لا تحركه المصالح بل قيم الإنسانية، نصرةً للمظلومين أينما كانوا، دون تمييز.

ميثاق النصرة

نحن بحاجة ماسّة إلى مبادرة شعبية عابرة للحدود، وتحالف من سياسيين عقلاء، لوضع “ميثاق النصرة” للمستضعفين في العالم. ميثاق لا يُقاس بالمصالح، بل بالحق والعدل والكرامة.
لكن يبقى السؤال: من يعلّق الجرس؟

الخاتمة

الخلاصة أن لا بد من احتشاد قوى الخير في العالم لتحرير الإنسان من ظلم الإنسان. هذا هو التحدي الأخلاقي الأكبر في عصرنا… فمن يعلّق الجرس؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى